وكانوا في مسجد من مساجدها، فسمع منهم كلمة تشعر بتصديق مسيلمة، فأخذهم عبد الله بن مسعود، وقتل كبيرهم ابن النواحة. وقال في الباقين: لا يزالون في بلية من كذابهم - يعني ذلك النفر - يذم نجدا بنفر أحدثوا حدثا في العراق. وقد أفنى الله كل من حضر مسيلمة في القرن الأول، ولم يبق بنجد من يصدق الكذاب; بل من كان في أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم بنجد، يكفرون مسيلمة ويكذبونه، فلم يبق بنجد من فتنة مسيلمة لا عين ولا أثر.
فلو ذم نجد بمسليمة بعد زواله، وزوال من يصدقه، لذم اليمن بخروج الأسود العنسي دعواه النبوة، وما ضر المدينة سكنى اليهود فيها، وقد صارت مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومعقد الإسلام، وما ذمت مكة بتكذيب أهلها الرسول صلى الله عليه وسلم وشدة عداوتهم له، بل هي أحب أرض الله إليه.
فإذا كان الأمر كذلك، فأرض اليمامة لم تعص الله؛ وإنما ضرت المعصية ساكنيها، بتصديقهم كذابهم. وما طالت مدتهم على ذلك الكفر - بحمد الله - فطهر الله تلك البلاد منهم، ومن سلم منهم من القتل دخل في الإسلام؛ فصارت بلادهم بلاد إسلام، بنيت فيها المساجد، وأقيمت