دعوته في مبدأ نشأته، وتوجه برحلته إلى من اشتدت عداوته له في دينه، كابن سند، وابن جديد، وابن سلوم، فهؤلاء الثلاثة المذكورون قد أشربوا عداوة التوحيد ومن دعا إليه فصار أهل التوحيد هم أعداؤهم، بما أشربوه من كراهته، وكراهة من دان به.
فلعله أخذ عنهم ما وضعه في كتبه من الزور، والكذب والفجور، وانتصر فيها لعباد القبور، وزعم أنهم مسلمون، لأنهم يقولون لا إله إلا الله، ويصلون; والعدو لا يرى محاسن عدوه، خصوصا إذا عاداه في الدين، وصاروا أعداء لكل موحد، ونصرة لكل مشرك ملحد، فأخذ عنهم هذه البضاعة، وشنع على إمام المسلمين بما أودعه كتبه غاية الشناعة؛ ولا ريب أن شره إنما يعود عليه، ويرجع وبال ذلك كله عليه.
والمقصود: أن يعلم أن هؤلاء الثلاثة هم أشياخه، الذين تخرج عليهم بالانحراف عن الدين، وتضليل الموحدين، ولولا أنه شحن كتبه بذلك، لما ذكرناه، وهذا هو المحصول الذي حصله، والأساس الذي أسسه وأصله. فقدم بنجد بعد طول المقام، عند أولئك الملحدين المنحرفين عن الدين، فصار حظه جمع الكتب، من غير رواية لها ولا دراية، ولم ير للعلم عليه أثر. مع أن هؤلاء مع ما فيهم من العداوة، صاروا أعقل منه، فلم يكتبوا شيئا من هذه الأكاذيب، والزندقة، والتخليطات الفاسدة، وهذا لقلة عقله وفساد قصده جرى منه ما جرى.