على وصف مكروه، قد تغفر تلك الكراهة لصاحبها لاجتهاده، أو تقليده، أو حسناته، أو غير ذلك؛ تم ذلك لا يمنع أن يكون ذلك مكروها منهيا عنه، وإن كان هذا الفاعل المعين قد زال موجب الكراهة في حقه.
قال: فإذا سمعت دعاء أو مناجاة مكروهة في الشرع، قد قضيت حاجة صاحبها، فكثيرا ما يكون من هذا الباب; ولا يقال: هؤلاء لما نقصت معرفتهم سوغ لهم ذلك، فإن الله لم يسوغ هذا لأحد، لكن قصور المعرفة قد يرجى معه العفو والمغفرة، أما استحباب المكروهات، أو إباحة المحرمات، فلا; وفرق بين العفو عن الفاعل والمغفرة له، وبين إباحة فعله والمحبة له.
وإنما استحباب الأفعال واتخاذها دينا، بكتاب الله وسنة نبيه، وما كان عليه السابقون الأولون، وما سوى هذا من الأمور المحدثة، فلا تستحب، وإن اشتملت أحيانا على فوائد، لأنا نعلم أن مفاسدها راجحة على فوائدها. ولما قرر رحمه الله: أن تحري الدعاء عند القبور منهي عنه، قال:
ولا يدخل في هذا الباب: أن أقواما سمعوا السلام من قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر غيره من الصالحين، وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي الحرة، فهذا كله حق ليس مما نحن فيه، والأمر أجل من ذلك وأعظم.