الكلام -: والرازي من أعظم الناس في باب الحيرة، لكن هو مسرف فيه، له نهمة في التشكيك; والشك في الباطل خير من الثبات على اعتقاده; لكن قل أن يثبت أحد على باطل محض، بل لا بد فيه من نوع من الحق; وتوجد الردة منهم كثيرا كالنفاق; وهذا إذا كان في المقالات الخفية، فقد يقال: لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها.
لكن يقع في ذلك طوائف منهم، في أمور يعلم الخاصة والعامة، بل اليهود والنصارى، يعلمون أن محمدا بعث بها، وكفر من خالفها، مثل عبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة غيره؛ فإن هذا أظهر شعائر الإسلام، ومثل أمره بالصلوات الخمس، وتعظيم شأنها، ومثل معاداة المشركين وأهل الكتاب، ومثل تحريم الفواحش والربا والميسر ونحو ذلك، إلى أن قال: وصنف الرازي كتابا في عبادة الأصنام والكواكب، وأقام الأدلة على حسنه، ورغب فيه، وهذه ردة عن الإسلام إجماعا، انتهى.
فقوله رحمه الله تعالى: بل اليهود والنصارى يعلمون ذلك، هو كما قال؛ فقد سمعنا غير واحد من اليهود: أنهم يعيبون على المسلمين ما يفعل عند هذه المشاهد، يقولون: إن كان نبيكم أمركم بهذا فليس بنبي، وإن كان نهاكم عنه فقد عصيتموه; فسبحان الله ما أعجب هذا؟! اليهود ينكرون هذه الأمور الشركية، ويقولون: ما يأتي بها نبي، وكثير من علماء هذه