للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين معه في سفر، ليردوا دابته.

فهذا يدل - إن صح - أن لله جنودا يسمعون ويقدرون {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [سورة المدثر آية: ٣١] . وروى زيادة لفظة في الحديث: "فإن لله حاضرا"، فهذا صريح في أنه إنما ينادى حاضرا يسمع؛ فكيف يستدل بذلك على جواز الاستغاثة بأهل القبور الغائبين؟!

فمن استدل بهذا الحديث على دعاء الأموات، لزمه أن يقول: إن دعاء الأموات ونحوهم، إما مستحب أو مباح، لأن لفظ الحديث فليناد، وهذا أمر أقل أحواله الاستحباب والإباحة ; ومن ادعى أن الاستغاثة بالأموات والغائبين مستحب أو مباح، فقد مرق من الإسلام، والله أعلم.

فإذا تحققت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر من انفلتت دابته أن ينادي من لا يسمعه، ولا قدرة له على ذلك، ودل عليه قوله: "فإن لله حاضرا"، تبين لك ضلال من استدل به على دعاء الغائبين والأموات، الذين لا يسمعون ولا ينفعون ولا يضرون.

وهل هذا إلا مضادة لقوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} [سورة يونس آية: ١٠٦] ، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍإِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} [سورة فاطر آية: ١٣-١٤] الآية.

وقولة تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>