للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المفسرون: لما رأى الكفار ظهور الإسلام في أرض العرب وتمكنه فيها، يئسوا من رجوع المسلمين عن الإسلام إلى الكفر، قال ابن عباس وغيره من المفسرين: يئسوا أن يراجعوا دينهم، قال ابن كثير: وعلى هذا يرد الحديث الثابت في الصحيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم "١، يعني أن إياس الشيطان مثل إياس الكفار، وأن الكل يئس من ارتداد المسلمين وتركهم دينهم، ولا يلزم من ذلك امتناع وجود الكفر في أرض العرب.

ولهذا قال ابن رجب على الحديث: يئس أن تجتمع الأمة على الشرك الأكبر ; يوضح ذلك: ما حصل من ارتداد أكثر أهل الجزيرة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وقتال الصديق والصحابة لهم، على اختلاف تنوعهم في الردة ; قال أبو هريرة: لما مات النبي صلى الله عليه وسلم وكفر من كفر من العرب ; وردة بني حنيفة مشهورة.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون "٢، معناه: أنه يئس أن يطيعه المصلون في الكفر بجميع أنواعه، لأن طاعته في ذلك هي عبادته، قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [سورة يس آية: ٦٠] .

ومن استدل بالحديث على امتناع وجود كفر في جزيرة العرب، فهو ضال مضل; فماذا يقول هذا الضال في الذين قاتلهم الصديق رضي الله عنه والصحابة من العرب، وسموهم


١ مسلم: صفة القيامة والجنة والنار ٢٨١٢ , والترمذي: البر والصلة ١٩٣٧ , وأحمد ٣/٣١٣ ,٣/٣٥٤ ,٣/٣٦٦ ,٣/٣٨٤.
٢ مسلم: صفة القيامة والجنة والنار ٢٨١٢ , والترمذي: البر والصلة ١٩٣٧ , وأحمد ٣/٣١٣ ,٣/٣٥٤ ,٣/٣٦٦ ,٣/٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>