للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٦] ،

فأخبر سبحانه بالحكمة في خلقه الجن والإنس، وهي: أنه إنما خلقهم ليعبدوه وحده.

وقال: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [سورة النجم آية: ٣١] ، فأعلمنا سبحانه أنه إنما خلق هذه المخلوقات للحكم التي ذكرها، لا لأجل أحد من خلقه.

وقد ذكرت في الجواب على الأبيات، بعض كلام النسفي في تفسيره، على قوله سبحانه: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} الآية [سورة الأعراف آية: ١٨٨] ، قال: هو إظهار للعبودية، وبراءة مما يختص بالربوبية من علم الغيب، أي: أنا عبد ضعيف لا أملك لنفسي اجتلاب نفع، ولا دفع ضر، كالمملوك إلا ما شاء الله مالكي، من النفع لي، ودفع الضر عني، {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} [سورة الأعراف آية: ١٨٨] أي: لكانت حالي على خلاف ما هي عليه من استكثار الخير، واجتناب السوء والمضار، حتى لا يمسني شيء منها، ولم أكن غالبا مرة، ومغلوبا أخرى في الحروب، انتهى.

فاستعظم المعترض لفظ: أنا عبد ضعيف، وقال: ما هذه الجراءة والتنقص لجناب حبيب الملك الوهاب! فانظر إلى "الشفاء" تجده حكى كفر من قال مثل هذه الكلمة، انتهى.

أقول: ما الذي منع هذا الأحمق، من نقل ما في الشفاء لأصحابه، ليتحفهم به وليحتجوا به، وهو أتحفهم وأضلهم

<<  <  ج: ص:  >  >>