للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن كل شيء تنازع فيه المسلمون من أصول الدين وفروعه، أن يرد المتنازع فيه من ذلك، إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [سورة الشورى آية: ١٠] ، فما حكم به كتاب الله وسنة نبيه، وشهدا له بالصحة فهو الحق، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} [سورة يونس آية: ٣٢] .

ولهذا قال: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [سورة النساء آية: ٥٩] ، فدل على أن من لم يتحاكم في محل النّزاع إلى الكتاب والسنة، ولا يرجع إليهما في ذلك، فليس بمؤمن بالله واليوم الآخر ; وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ} [سورة النساء آية: ٥٩] أي: التحاكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، والرجوع في فصل القضاء إليهما، {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [سورة النساء آية: ٥٩] أي: وأحسن عاقبة ومآلا، انتهى.

ومن المحال أن يأمر الله سبحانه بالتحاكم إلى ما لا يفصل النِّزاع. ويحكى عن بعض الضلال، أنه يقول: نحن مقلدون، ولسنا داخلين تحت حكم هذه الآية ونحوها فيقال له: يلزمك هذا في جميع خطاب القرآن، كقوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [سورة الأنفال آية: ١] ، {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [سورة الأعراف آية: ٣] ، {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} [سورة الأنعام آية: ١٥٥] ، وغير ذلك من خطاب القرآن بالأوامر والنواهي ; فمن زعم أنه ليس داخلا في ذلك ولا معنيا به، فلا شك في كفره.

ومن أعظم مكائد الشيطان لكثير من الناس، خصوصا من ينتسب إلى علم: أن حال بينهم وبين تدبر القرآن وتفهمه،

<<  <  ج: ص:  >  >>