للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المعترض: هل ورد هذا الحديث، في أهل العراق؟ فهم كفار مجوس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أو فيما يأتي؟ فهذا شناعة على عامة العلماء، ومنهم الإمام أحمد وأبو حنيفة ; وإن كان ورد في حق أهل الحرمين، فهذا ظاهر البطلان، إذ هي مهبط الوحي، ومنبع الإيمان.

فانظر إلى هذه الوقاحة، هل قلنا إن هذا الحديث خاص ببلد معين؟! وإنما مقتضى الحديث: الإخبار بما يحدث في الأمة، من تغير الدين، وأن سبب ذلك علماء السوء، ولا يختص هذا ببلد معين؛ فمن اتصف بصفة علماء السوء الذين يلبسون الحق بالباطل، ويفترون على الله الكذب، تناوله الذم، في أي زمان ومكان.

والله سبحانه لم يأمر عباده عند الاختلاف، بالرد إلى أهل بلد، ولا إلى ما عليه أكثر الناس، ولا إلى شخص غير الرسول، قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [سورة النساء آية: ٥٩] ، وشيء نكرة في سياق الشرط، فيعم كل شيء حصل فيه النِّزاع، من أصول الدين وفروعه؛ ثم قال: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [سورة النساء آية: ٥٩] ، وهذا خطاب لجميع الناس، إلى آخر الزمان; وأجمع العلماء على أن الرد إلى الله، هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول، الرد إليه في حياته، والرد إلى سنته بعد مماته.

قال ابن كثير رحمه الله، في الآية: هذا أمر من الله تعالى،

<<  <  ج: ص:  >  >>