للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتبت عليك فقد متّها، ولن يجمع الله عليك موتتين".

ومقتضى قول من يقول: إنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره، كحياته حين كان على وجه الأرض، أن الله يجمع عليه موتتين، لأنه قد قام الدليل القاطع أنه عند النفخ في الصور، لا يبقى أحد حيا؛ والعقل الصحيح يمنع طلب الدعاء من الميت، ولم يرد حديث صحيح بأنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره ; لكن نقطع أن الأنبياء أعلى رتبة من الشهداء؛ وقد أخبر الله عن الشهداء: أنهم أحياء عند ربهم يرزقون ; فالأنبياء أولى بذلك، قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [سورة آل عمران آية: ١٦٩] ؛ ومع ذلك فالشهداء داخلون تحت قوله سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [سورة آل عمران آية: ١٨٥] ؛ وقوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [سورة الزمر آية: ٣٠] ، فهذا الموت المثبت غير الموت المنفي.

فالموت المثبت هو فراق الروح البدن، والمنفي زوال الحياة بالجملة عن الروح والبدن ; فلو جاء إنسان إلى الشهيد بعد خروج روحه، وهو على وجه الأرض، لا يتحرك ولا ينطق، يطلب منه أن يدعو الله، لأنكر ذلك ذوو الفطرة السليمة، والعقل الصحيح ; فكيف إذا صار في بطن الأرض؟ فهو في تلك الحالتين، حي حياة الله أعلم بحقيقتها، مع القطع بأنها ليست كحياته لما كان على وجه الأرض قبل القتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>