للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش، تسرح حيث شاءت من الجنة، وهم مع ذلك أحياء ; وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه. وفي سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يسلم علي، إلا رد الله علي روحي، حتى أرد عليه السلام "١، فهذا يدل على أن روحه صلى الله عليه وسلم ليست في جسده دائما ; بل هي في أعلى عليين، ولها اتصال بجسده أحيانا، الله أعلم بحقيقته.

وليس ذلك الرد - أعني: رد الروح - خاصا به صلى الله عليه وسلم؛ بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من مسلم يمر بقبر أخيه، كان يعرفه في الدنيا، فسلم عليه، إلا رد الله عليه روحه، حتى يرد عليه السلام " هذا وروحه في الجنة، كما تقدم في الحديث ; فأرواح الشهداء، بل وعامة المؤمنين في الجنة، ولها اتصال بأجسادهم في بعض الأحيان، لا يعلم صفته إلا الله؛ وأمر البرزخ وأحكامه على خلاف ما يشاهد في الدنيا.

وأما امتناع طلب الدعاء منه بعد موته شرعا؛ فلأن الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعلم بالله وبرسوله ممن بعدهم، لا يأتون إلى قبره صلى الله عليه وسلم يطلبون منه أن يدعو لهم، ويستسقي لهم، ويستنصر لهم، لعلمهم أن هذا ممتنع بعد موته ; ولم يأت أحد منهم يستفتيه في قبره، في مسائل كثيرة أشكلت عليهم.

قال عمر رضي الله عنه:"ثلاث وددت أني سألت رسول الله


١ أبو داود: المناسك ٢٠٤١ , وأحمد ٢/٥٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>