للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أحسن ما قال مالك بن أنس رحمه الله: لن يصلح آخر هذه الأمة، إلا ما أصلح أولها ; ولكن كلما ضعف تمسك الأمم بعهود أنبيائهم، ونقص إيمانهم، عوضوا عن ذلك بما أحدثوا من البدع والشرك.

وقال شيخ الإسلام: ودعاء الميت من الشرك، سواء طلب منه أن يفعل، أو طلب منه أن يسأل الله ; وذكر القاضي عياض في "الشفاء" عن مالك رحمه الله، أنه كره أن يقال: زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم: قال القاضي، والأولى عندي أن منعه وكراهة مالك له، لإضافته إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد. اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ١، فحمى إضافة هذا اللفظ إلى القبر، والتشبه بفعل أولئك، قطعا للذريعة وسدا للباب.

وفي المبسوط عن مالك: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ولكن يسلم ويمضي ; وقال: لا بأس لمن قدم من سفر، أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه، ويدعو له، ولأبي بكر وعمر.

فقيل له: إن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر، ولا يريدونه، يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة، أو في الأيام المرة والمرتين، أو أكثر عند القبر، فيسلمون ويدعون ساعة.

فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا، وتركه


١ أحمد ٢/٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>