للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطلبة، وهو مذكور في المختصرات من كتب الحنابلة وغيرهم ; فهذا لم يعرف ما عرفه صبيان المدارس والمكاتب، فالدعوى عريضة، والعجز ظاهر.

وأعجب من هذا، أنه يقول في رسالته: إني رأيت لمن يدعو الصالحين والأولياء، ويناديهم في حاجاته، أدلة صحيحة، ونيات صالحة، ما تخرج عن التوحيد، لأن المقصود التسبب والوسائل لا الاستقلال ; هذا كلامه؛ ومن بلغت به الجهالة والعماية إلى هذه الغاية، فقد استحكم على قلبه الضلال والفساد، ولم يعرف ما دعت إليه الرسل، وسائر الأمم والعباد.

ومن له أدنى نهمة في العلم، والتفات إلى ما جاءت به الرسل، يعرف أن المشركين من كل أمة في كل قرن، ما قصدوا من معبوداتهم وآلهتهم التي عبدوها مع الله، إلا التسبب والتوسل والتشفع، ليس إلا ; ولم يدّعوا الاستقلال والتصرف لأحد من دون الله، ولا قاله أحد منهم سوى فرعون، والذي حاج إبراهيم في ربه.

وقد قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} [سورة النمل آية: ١٤] ؛ فهم في الباطن يعلمون أن ذلك لله وحده، قال تعالى في بيان قصدهم ومرادهم بدعاء غيره: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} [سورة يونس آية: ١٨] الآية، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>