للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اعلم: أن قول البيضاوي هنا، قولا لا يلتفت إليه، ولا يعول في الدليل عليه، لأنه صدر عمن لا يرضى، ولا يؤتم به في هذا الشأن، ولا يقتدى، ولم يقله أحد من أئمة التفسير والهدى; بل قد صرحوا بخلافه، كما يعرفه أولو الأحلام والنهى، ونبهوا على أن أصل الشرك، هو سؤال أرواح الموتى; والبيضاوي وأمثاله: إنما يؤخذ عنهم ما شهدت له الأدلة الشرعية، وجرى على القوانين المرضية التي يتلقاها أهل العلم والإيمان، من أحكام السنة والقرآن.

وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ذهاب الإسلام من ثلاثة: "زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وحكم الأئمة المضلين"، هذا لو سلمنا ثبوت العلم، لمن يحكي مثل هذه الأقوال، وإلا فأين العنقاء لتطلب؟ وأين السمندل ليجلب؟

وأهل التحقيق من المفسرين: على أن المراد بهذه الآية، هم الملائكة، فإسناد التدبير إليهم كإسناد النزع والنشط، والتقسيم والزجر، كما في قوله: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً} [سورة الذاريات آية: ٤] ، وقوله: {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً} [سورة الصافات آية: ٢-٣] ، وليس في هذه الآيات الكريمات ما يدل على دعاء الملائكة وعبادتهم، فإنهم رسل مأمورون مدبرون، كما أن إبلاغ الرسالة من الرسول البشري، لا يدل على دعائه ولا يقتضيه، فكذلك الملائكة، لأنهم رسل بالأوامر الكونية والشرعية.

والقدرة والتدبير، وتسخير المخلوقات، كل ذلك لله وحده;

<<  <  ج: ص:  >  >>