للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

هذا لو سلم أن الكرامات سبب، وأن هذا المثال فيه إثبات الكرامة، فكيف والأمر بخلاف ذلك، بإجماع أهل العلم؟! والمقدمتان كاذبتان، لأن الكرامة فعل الله تعالى لا فعل للولي فيها، ولا قدرة له عليها ولا تأثير، وكل من يذكر تعريف الكرامة وحدها، يقول: هي خرق الله العادة لوليه، لحكمة ومصلحة تعود عليه أو على غيره.

وعلى هذا التعريف، لا فعل للولي فيها ولا إرادة، فمن أين يؤخذ أنها سبب يقتضي دعاء من قامت به أو فعلت له؟ ومن أي وجه دلت الكرامة على هذا؟ وأفضل الناس الرسل، والملائكة من أفضل خلق الله، ولهم من المعجزات والكرامات والمقامات ما ليس لغيرهم.

قد جاء عيسى بن مريم بما هو من أفضل المعجزات والكرامات، يخلق من الطين كهيئة الطير، فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ويبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله، وينبئهم من الغيب ما يأكلون وما يدخرون.

وقد أنكر تعالى على من قصده ودعاه في حاجاته وملماته، وأخبر أن فاعل ذلك كافر بربه، ضال بعبادة غيره; وقال تعالى: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً} [سورة آل عمران آية: ٨٠] الآية، والأرباب هم المعبودون المدعوون، وسيأتي تحقيق هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>