للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأحاديث، لأنها تنقسم إلى صحيح وحسن، وضعيف وموضوع، ولا يصحح إلا من يضعف، ولا يحسن إلا من يقبح.

وقد أنكر أبو حنيفة على رجل صار يحسن ما يسمع منه من الروايات، وزجره عن ذلك، وقال: إنما يحسن من يقبح; هذا في السنة ونحوها، فكيف بالقرآن الذي هو كله حق وهدى؟ {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [سورة فصلت آية: ٤٢] .

وقوله: إن الدعاء هو السجود في هذه الآية، وإن نداء الصالحين ليس بعبادة، إلى آخر عبارته، فهذا الكلام نشأ عن جهله باللغة والشرع، وما جاءت به الأنبياء، فإن العبادة تتضمن غاية الخضوع والذل؛ ومنه طريق معبد، إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام، هذا أصلها في اللغة.

وأما في الشرع، فهي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة; قاله شيخ الإسلام; وقال بعضهم: هي ما أمر به شرعا من غير اقتضاء عقلي، ولا اطراد عرفي; وقال بعضهم: هي فعل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، ابتغاء وجه الله والدار الآخرة.

فدخل في هذه التعاريف والحدود: جميع أنواع العبادات، فلا يقصد بها غير الله، ولا تصرف لسواه; وهذا الغبي لم يعرف من أفرادها غير السجود.

ودعاء المسألة من أفضل أنواعها وأجلها، كما في حديث النعمان بن بشير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الدعاء هو العبادة" ١.


١ الترمذي: الدعوات ٣٣٧٢ , وأبو داود: الصلاة ١٤٧٩ , وابن ماجه: الدعاء ٣٨٢٨ , وأحمد ٤/٢٦٧ ,٤/٢٧١ ,٤/٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>