للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحصر يقتضي الاختصاص الدعائي، والتمييز على سائر العبادات; قال بعض الشراح، هو كقوله: " الحج عرفة" ١، أي: ركن العبادة الأعظم هو الدعاء.

وفي حديث أنس: " الدعاء مخ العبادة " ٢ ومخ الشيء خالصه ولبه، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين "، والعماد والعمود ما يقوم به الشيء، ويعتمد عليه جعله عمادا، لأنه لا يقوم إلا به. وأنت ترى كل العبادات الباطنة والظاهرة دالة على الطلب والمسألة، على اختلاف المطلوب والمسؤول، وكان هذا هو الوجه في التعبير بالدعاء دون العبادة، في أكثر موارد القرآن والسنة.

ويشهد لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الدعاء يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير". وقد سئل ابن عيينة عن معناه، فأنشد قول أمية في عبد الله بن جدعان:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء

قال في القاموس: الدعاء هو الرغبة إلى الله، انتهى; وقال الحسين بن محمد النعمي: الدعاء في الأصل موضوع لأن يكون من فقير عاجز خاضع لغني قادر عزيز قاهر، انتهى; والدعاء يرد في الكتاب والسنة بمعنى الطلب والمسألة، بامتثال الأمر واجتناب النهي; ويرد بمعنى المسألة والطلب بالصيغة القولية.


١ الترمذي: الحج ٨٨٩ , والنسائي: مناسك الحج ٣٠١٦ , وأبو داود: المناسك ١٩٤٩ , وابن ماجه: المناسك ٣٠١٥ , وأحمد ٤/٣٠٩ ,٤/٣٣٥ , والدارمي: المناسك ١٨٨٧.
٢ الترمذي: الدعوات ٣٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>