للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلومكم أن هذا الكتاب والسنة ما كتبت بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لا في جبال، ولا في حديد، إنما حفظه الله تعالى بأهل العلم، وكما قال صلى الله عليه وسلم: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله حتى توصل الأمر إلى زماننا هذا، ونشر الله سبحانه هذه الدعوة، ومنحكم بها، فسر ذلك من بقلبه إيمان، وحيي المؤمنون حياة جديدة، وانكبت أهل الكفر والنفاق بما مَنَّ الله به علينا وعليكم; وكنا راجين ظهور العلم، وكثرة العلماء، الذين هم الحياة وهم المشرب العذب، لأجل حرص الناس على الخير وطلبه، وكنا نرى الجهال وجهلهم، ونعلل النفس أن هذا اجتهاد، والمرجع منهم- إن شاء الله- إلى الحق.

فلما كان من العام الماضي وما بعد رأينا أمورا مخالفة لما أملناه، وهي ثلاثة أحوال، وهي التي تهدم الدين، وتفرق المسلمين، وينقم بها رب العالمين، الأول: إعجاب الناس بآرائهم، وخروج أناس يرون الدين ما وافق لهواهم، والثالث: يركض مع الناس وما قالوه قاله، سواء أنه حق أو باطل؛ وهذا كله مخالف للشرع والعقل.

فلما تحققنا ذلك، وقام علينا علماء المسلمين، وقالوا: إما أن تأمروا بالأمر على الوجه المشروع، وتحملوا الناس على الحق لا على الهوى؛ وقلقوا من ذلك كثيرا، وخافوا من الخلل على المسلمين، ودخول عدوهم عليهم، لا العدو الشيطاني ولا العدو الإنسي، جبروا أنفسهم على

<<  <  ج: ص:  >  >>