للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده: ليكن أول ما تعتقد وتبغض الملاهي، التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن أصوات المعازف، واستماع الأغاني، واللهج بها، ينبت النفاق في القلب، كما ينبت العشب على الماء; فالغناء يفسد القلب، فإذا فسد القلب هاج فيه النفاق.

والمقصود: أن هذه الأصوات المطربة، الحاصلة من "المحَّال"١ داخلة في مسمى المعازف والملاهي والمزامير، لأنها تصد عن ذكر الله وعن القرآن، وتجلب الغناء الذي هو قرآن الشيطان، وفعل السيئ وتقدم فعله.

والعوائد التي تخالف الشرع لا يقر الناس عليها، بل يجب إزالتها؛ والسكوت عن مثل ذلك، وعدم النهي عنه بخصوص، لا يدل على جواز فعله، ولا يقتضي عدم كراهته، لأن الدين ما شرعه الله على لسان رسوله; وبكل حال: فأصوات "المحَّال"من المحرمات بلا ريب.

وما أعظم ضرر الغفلة عن مثل ذلك وعدم النهي عنه، حتى يستحكم في أنفس الجهال، فيرون أنه من الدين، فإذا غير أنكرته طباعهم، لما في قلوبهم من الشك وعدم اليقين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان تتخذ فيه البدعة سنة، فإذا غيرت، قالوا غيّرت السنة والمحتج


١ من آلات السواني.

<<  <  ج: ص:  >  >>