للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حدود الله، فقد ضاد الله في أمره" ١ وفي لفظ (فقد ضاد الله في أرضه) .

أيها المسلم، إن هذه الشريعة المطهرة، جاءت- ولله الحمد- بتحصيل المصالح، ودرء المفاسد، وإحلال الطيبات لما فيها من المنافع، وتحريم الخبائث، لما فيها من المضار.

وكما نهت الشريعة عما كان ضررا كله، فقد نهت أيضا عما كان ضرره أكبر من نفعه، كما قال تعالى في الخمر: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [سورة البقرة آية: ٢١٩] .

وهذا في أول الإسلام، ثم نهى عنها تدريجيا وهذا من حكمة هذه الشريعة لتعلق قلوب الحديث عهدهم بكفر بالخمر. ثم نهى عنها نهيا باتا كما في سورة المائدة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة المائدة آية: ٩٠] ، وحرمت الخمر لما فيها من الضرر الكبير، ولأنها أم الخبائث.

ولقد اتفق الأطباء المنصفون، والكيميائيون المحققون، على خبث هذا الدخان ومضرته؛ ولا يزالون يحذرون منه، ويبينون أضراره، ولا تغتر أيها العاقل بمن يتعاطاه منهم، فإن حب الشيء يعمي ويصم، بل قد يرى المكروه حسنا، كما قال تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ


١ أبو داود: الأقضية (٣٥٩٧) , وأحمد (٢/٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>