وبالجملة: فقد جمعت هذه الآلة لأهل الفسوق، من آلات المعازف، ما كان شاردا، وقربت لهم من الفسوق والمجون ما كان متباعدا، فأصبحوا في غنية عن كل ما سواه من الآلات، ومن المغنين والمغنيات، وتغيرت به الأحوال والأخلاق في أقصر الأوقات.
فقد كانت أحوال الناس في دينهم، من نحو عشر سنين، على الاستقامة، يجتمعون لدرس العلوم الدينية التي هي مجالس الذكر في المساجد، وبعد طلوع الشمس، وبين العشاءين في البيوت، لكل واحد من أهل الدين والصلاح، نوبة تخصه، ويقرأ عليهم بعض طلبة العلم في بعض الكتب الدينية من كتب الحديث والتفسير، ويحضر تلك المجالس الجم الغفير من الناس، من قاصي البلد ودانيه؛ فانعكست الحال وتغيرت، فصار الفساق يجتمعون في بيت واحد منهم، للاستماع إلى هذا الملهى، ضد ما كان أولا، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن العجب أن كثيرا من السفلة يفتحه على الغناء والطرب، بحضرة بناته، وزوجاته، وغيرهن من محارمه; وبعضهم يخصص زوجته، أو بنته بواحد، تفتحه متى شاءت على ما شاءت.
وهل هذه إلا نوع من الدياثة؟ عياذا بالله؟ لأنها إذا اعتادت سماع الغناء وأصوات الملاهي، قل حياؤها، وربما