فإن العقيدة إذا فسدت، وخفت أوامر الإسلام ونواهيه على القلب، أصبح مصدرا لكل رذيلة وانحلال خلقي; قال بعض الأوروبيين: إن فن الاحتلال فن عسكري في الأول، ولكنه فن أخلاقي في الآخر.
أيها العلماء الأجلاء، ما مدح الله أهل العلم بما مدحهم به إلا لأنهم ورثة الأنبياء، يبلغون الشرائع للناس، ويوضحون طرق الفلاح والنجاح، وأسباب السعادة والعزة، في هذه الدار {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[سورة المنافقون آية: ٨] ، {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[سورة العنكبوت آية: ٦٤] .
أيها العلماء الفضلاء: لقد علمتم ما قال الله في ذمّ من لم يقم بواجبه، ولم يؤد ما عليه لدينه وأمته، من الدعوة والإرشاد، والعظة والتذكير، والإنذار بسوء العاقبة؛ فإن الآيات في الدعوة أكثر من آيات الصوم والحج اللذين هما ركنان من أركان الإسلام الخمسة.
قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}[سورة آل عمران آية: ١٨٧] : دلت الآية الكريمة على وجوب إظهار العلم وتحريم كتمان شيء من أمور الدين لغرض من الأغراض الفاسدة، والتأويلات البعيدة.
ومتى قام العلماء بما عليهم من إرشاد الأمة إلى اتباع كتابها وهديها، بإرشاده، وتهذيب أخلاقها بآدابه، وجمع