فلما جاء الله بهذا النبي الكريم، أخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، أخرجهم من ظلمة الكفر والشرك إلى نور الإيمان والتوحيد، ومن ظلمة الجهل والطيش إلى نور العلم والحلم، ومن ظلمة الجور والبغي إلى نور العدل والإحسان. ومن ظلمة التفرق والاختلاف إلى نور الاتفاق والوئام، ومن ظلمة الأنانية والاستبداد إلى نور التواضع والتشاور، ومن ظلمة الفقر والجهد إلى نور الغنى والرخاء؛ بل أخرجهم من ظلمة الموت إلى نور الحياة السعيدة {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[سورة الأنعام آية: ١٢٢] . أكمل الله به الدين، وتمم به مكارم الأخلاق. أمر بعبادة الله وحده لا شريك له، وأمر ببر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الفقراء والمعوزين، حتى قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله كتب الإحسان على كل شيء" ١. وأمر بالتحاكم فيما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله، لا خير إلا ودل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها عنه، أخبر بما كان وما يكون إلى يوم القيامة، كما قال حذيفة رضي الله عنه:"قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما، ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة، إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه"،
١ مسلم: الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٥) , والترمذي: الديات (١٤٠٩) , والنسائي: الضحايا (٤٤٠٥ ,٤٤١٢) , وأبو داود: الضحايا (٢٨١٥) , وابن ماجه: الذبائح (٣١٧٠) , وأحمد (٤/١٢٣ ,٤/١٢٤ ,٤/١٢٥) , والدارمي: الأضاحي (١٩٧٠) .