وقال أبو ذر رضي الله عنه "لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال: لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما". رسم لأمته طرق السعادة في الدنيا والآخرة، في سياسته الشرعية، التي يعجز كل أحد أن يأتي بناحية من نواحيها، فرسم لهم طرق السياسة مع الأعداء، فبين لهم ما تعامل به الأمم الأجنبية، من الحرب ووجوبه، والسلم ووجوبه، والمعاهدات والصلح، وحفظ العهود. وأوجب عليهم الاستعداد بكل قوة يستطيعونها، ونهاهم عن الإخلاد إلى الكسل والعجز والدعة والراحة، وأخبرهم أن هذا سبب للذل ; بل أمرهم أن يكونوا أقوياء أشداء أعزاء، لا تلين قناتهم لأحد سوى الله ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. وأوضح لهم جميع الشؤون الاجتماعية أتم إيضاح؛ بين ما للحاكم، وما للمحكوم وما عليه؛ فأوجب للحاكم السمع والطاعة، وحرم الخروج عليه، وأوجب على المسلمين مناصرته وموالاته عندما يخرج عليه خارج؛ وأمرهم بقتال الباغين عليه؛ وأمرهم بالصبر على ما يأتيهم من ولاتهم، وأنهم مهما عملوا لا يجوز الخروج عليهم، ما أقاموا فينا الصلاة، إلا أن نرى كفرا بواحا،
فقال صلى الله عليه وسلم "عليكم بالسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم