تقتل قرناً وتحور غانيه ... إليه كان ذا حقا فأمي زانيه١٤٦
ثم ضربه فقتله، فبقيت وحدي فقال لي: ما أسمك؟ فقلت الحارث فقال: أنت سمي أبي، فلك الأمان، فقلت: ومن أنت؟ فقال: أني الحماس بن الحارث بن ضيغم، فبت أنا وهو على الكثيب، فلما نام قمت ألي فذبحته، وقصدت نحوه أخته فلما رأتني مقبلا إليها قالت: أقتلته؟ قلت نعم. فوضعت الحربة في نحرها فأدركتها وهي تشخط في دمها فقال له النعمان: أغدرت به مرتين؟ لقد هونت علي الغدر، بسنتك يستن فيك، ثم أمر به عمرو بن الخمس فقتله.
فهذه الحكايات كلها على اختلافها تدل على إن الحارث فات النعمان بوتره، فإما إن يكون قتله النعمان الملك الغساني على ما ذكر وقد قتل غيره، وأما إن يكون هو الذي قتله على ما تضمنته هذه الرواية فلم يقدر عليه الإلية بعد إن أمنه ووضع يده في يده فغدر به فقتله، وهذا مما لا يعتذر على من ليس له بسطة الملوك وقدراتهم إذا استخار لنفسه الغدر. وقد زعم قوم إن الذي قص عليه الحارث هذه القصة فقال له: لقد هونت علي الغدر. ثم قتله وهو الأسود بن المنذر أخو النعمان ورثاه رجل من بقايا جرهم فقال:
يا حار حنيا حرا قطامياً ... ما كنت ترعيا في البيت ضجعيا
وروى آخرون إنه لم يقتل وإنما كان لما نزل ببني دارم فجر نزوله عليهم يوم رحرحان. خرج الدولة أرض ربيعة فنام في فلاة فوقع به قوم من ربيعة ثم من عنزة من بني هزان، فأخذوه وسألوه من هو فلم يخبرهم، فضربوه حتى كاد إن يموت. فلما أخبرهم اشتراه منهم آخرون من بني قيس بن ثعلبة، وضربوه حتى كاد إن يموت ليخبرهم من هو فأبى. فأتوا به اليمامة فهرب