تجتني ثمار أنامله وتنتجع حباء فواضله فوبل كفه للراجين عام شامل وسببها على العافين هاطل كما وصفت في مديحي إياه فقلت في قصيدة إمتدحته بها:
فما سار بأوسقه ملثَّ ... له فوق الربى ذيل سحوب
تهادته الرياح فهيجته ... عشياً وأستثابته الجنوب
وأرسلت الصبا فاستفقبلته ... كما يستقبل الحب الحبيب
تكركره وتمخضه رويدا ... كما مخضت وكركرت الوطوب
وحثته زعازع ريح غربٍ ... لها من خلف منسأة هبوب
وفرى جلده بسيوفٍ برقٍ ... به منها إذا سئلت ندوب
فحار وعج لما أنجبته ... كما يرغو الكسير أو العيوب
وضاق بحمله ذرعاً فارخى ... عزالى سبلها سبل صبيب
أليس به الرعاة وكل فج ... به من دره خلف حلوب
وأحاديث القوم دالة على إنهم لم يخلصوا من عادات البداوة، ولم يخرجوا عن حدها، ولازال عنهم أثرها، ولا أنتقلوا إلى عادات الملوك، ولا غلبت عليهم، وليس ذلك إلى إنهم لم يبلغوا الدرجة في الثروة لإنا نعلم ضرورة إن أحداً لا يترك ذلك عن حدة وقدرة فكانوا ٠٠٠ بالالبان ويأكلون على الإنطاع، وفي الجفان. ومن الشواهد على ذلك ما تقدم ذكره من نزول المنذر الأصغر بالحارث بن ضمضم قافلاً من بعض غزواته الشام، فضرب عليه قبة من أدم ونحر له جزوراً وبعث إليه أمته لتدهن رأسه، وملك يغزو الشام من العراق بغير مضرب، ينزل فيه، حتى ينزل برجل من أهل