الفرسان الابطال. فاصبها سدوس في نفسه، وأتى الحارث منزله فلم يجد فيه أحداً، فجمع جمعاً من بكر بن وائل، وسار الى الحيرة يريد غزو النعمان بن الهبولة ومعه سدوس بن شيبان في ذلك الجمع، فلما دنى من الحيرة وقف وأرسل سدوساً في الليل ومعه ضليع بن عبد الله - رجل من بني عجل - فقال أنطلقا فأتياني بخبره فأتيا الحيرة والنار تضرم فقال سدوس لضليع: أما إن تمسك عليّ فرسي لآتيك بالخبر أو أمسك عليك فرسك. فقال ضليع: بل أنا أمسك عليك فرسك. وأنت آت بالخبر. فامسك ضليع فرس سدوس، ودخل سدوس الحيرة فوجد النار تضرم والمنادي ينادي: من جاء بجزرة من حطب فله فلذة من لحم وقبضة من تمر، والناس يحتطبون ويلقون الحطب على النار ويأخذون ما جعل١٦٢ لهم والنار تضرم، فرقاً من أن يبيتهم الحارث فذهب سدوس فاحتطب حطباً رطباً على عمد وجاء فحس به النار فناوله فلذة من لحم وقبضة تمر وخبا ضوء النار قليلاً لرطوبة ذلك الحطب. فنظر الى النعمان بن الهبولة وهو جالس وهند الى جنبه وهما يتحادثان، فانصت يسمع حديثهما فسمعها تقول له كانك به وقد أتاك كانه كلب قد عض على ضلع جلف - او جمل قد أكل مراراً فهو يقذف بالبغام عيناه تنامان وقلبه يقظان. قال: وما يدريك بذلك في صفته قالت أني كنت له فاركاً - أي مبغضةً - وكان ليلة نائماً مستلقياً على قفاه، وقد مطط يديه ورجليه فجاء الغلام بعسَّ من لبن فوضعه عند رجليه ليشربه إذا أنتبه من نومه، وكان يشرب الخاثر به،