للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لوازم الربوبية]

إن الخلق والرزق من أول لوازم الربوبية، والرزق كله بيد الله جل في علاه، ولا أحد يمتلكه غيره، كما قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:٥٧ - ٥٨]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث القدسي: (قال الله تعالى: يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته، -أي: أعطاهم من رزقه- ما نقص ذلك مما عندي من شيء).

قال الله تعالى: {ولله مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران:١٨٠]، وقال جل في علاه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر:٢١]، فهو المالك الرازق، والرزق كله بيده، وهو الخالق المدبر، وتدبير الكون كله بيد الله جل في علاه، فهو الذي دبر أمر هذا الكون، وكتبه في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة، سبحانه جل في علاه، فالتدبير كله لله جل في علاه، ولذلك قال الله تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة:٥]، وقال جل في علاه: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن:٢٩].

قال ابن مسعود: يدبر الكون، يرفع أقواماً ويخفض آخرين، وينصر أقواماً ويهزم آخرين، ويعطي هذا، ويمنع هذا، ويحيي هذا، ويميت هذا.

قال الله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد:٣٣]، وهذا من تمام تدبيره سبحانه وتعالى للكون، فالله غالب على كل شيء، مدبر لكل شيء، وسعادة الإنسان بيد الله، فعندما يعتقد الاعتقاد الجازم بأن الله هو الذي يدبر أمر حياته ومماته وأمر دنياه وآخرته، ويتعبد لله بهذا الاعتقاد يسعد في الدنيا والآخرة.

إن الله هو الخالق الرازق المدبر السيد الآمر المطاع سبحانه وتعالى، ولذلك لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت سيدنا! قال: (إنما السيد الله جل في علاه)، والسيد: المتفرد بالأمر وبالتشريع سبحانه جل في علاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>