من تعظيم الله تعظيم لقائه يوم القيامة، فإن الله يحشر الناس حفاةً عراة غرلاً غير مختونين، يخرجون من قبورهم عطاشاً، ويقفون موقفاً لا يحسدون عليه، والكرب شديد، والشمس تدنو من الرءوس مقدار ميل، وكل منهم يرى من أخيه هذا الكرب الذي يراه فيه، فمنهم من يعرق إلى الكعبين، ومنهم من يعرق إلى الركبتين، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً.
فيهرعون إلى آدم وإلى نوح وإلى إبراهيم وغيرهم يستشفعون بهم وكل نبي في هذا الموقف العظيم يقول:(نفسي نفسي، اللهم سلم سلم، فيذهبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها أنا لها).
فلابد للإنسان أن يعظم قدر لقاء الله، وأن الله سيتكلم مع المرء كفاحاً ليس بينه وبينه حجاب، ويعظم قدر الصراط الذي بينه صلى الله عليه وسلم: أنه أدق من الشعرة وأحد من السيف، والكلاليب من جهنم تخرج، والنبي صلى الله عليه وسلم يبين للناس أنَّ منهم من يمر على الصراط كالريح، ومنهم من يمر كأجاويد الخيل، ومنهم الذي يمشي، ومنهم الذي يتقاعس، ومنهم الذي ينكب على وجهه، ومنهم الذي يزحف والكلاليب تخطفه.
فلابد من تعظيم هذا اليوم، فهذه أيضاً من عظمة قدر الله جل في علاه:{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}[نوح:١٣] أي: لا تعرفون لله حقاً ولا تعرفون له عظمةً ولا قدراً، فلا تقدرون الله حق قدره ولا أوامره حق قدرها.