الثانية: صفة السبوح، أي: المنزه المبرأ عن كل نقص وعيب، وهي صفة ذاتية لا تنفك عن الله جل في علاه، وقد ثبتت لله بالكتاب، والسنة، وإجماع أهل السنة.
أما الكتاب: فيقول الله تعالى: {هُوَ اْلَّذِيْ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ َ}[الحشر:٢٣]، أي: تقدست أسماؤه وصفاته، فله الكمال المطلق المبرأ عن كل نقص وعيب، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجوده:(سبوح قدوس، رب الملائكة والروح)، سبوح: أي: منزه عن كل عيب ونقص.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان ينزه ربه عن كل نقص وعيب، وما حدث له من حدث يرى فيه نقيصة إلا قال:(سبحان الله)، حتى إنه صلى الله عليه وسلم سبح عندما استحى أن يتلفظ بشيء يستحيا منه، فقد جاء في الحديث: أن امرأة دخلت عليه وهي تشكو له الدم تراه في ثوبها، قال لها:(خذي فرصة ممسكة وتطهري بها، ثم صلي، قالت: كيف أتطهر بها يا رسول الله؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تطهري، قالت: كيف أتطهر؟ فقال: سبحان الله تطهري بها)، ففي هذه الحالة يُنزه ربه عن كل نقص؛ لأن هذه نقيصة، وهو مستحب أن يقول لها: تتبعي أثر الدم على الفرج.
فبعد أن قال لها النبي صلى الله عليه وسلم:(سبحان الله، تطهري! قالت عائشة: فجذبتها فقلت لها: تتبعي أثر الدم).
فكان النبي صلى الله عليه وسلم دائماً يقول:(سبحان الله)، عندما يرى أمراً فيه نقيصه، وقد علم أصحابه إن كانوا في سفر واعتلوا مرتفعاً أو جبلاً شاهقاً أن يقولوا: الله أكبر! أي: لا أحد أكبر من الله جل في علاه، والعظمة كلها لله، فإذا نزلوا قالوا: سبحان الله، تنزيهاً لله جل في علاه عن كل نقص.
وقد نزه الله نفسه في مواضع عدة منها: قول الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق:٣٨]، وهذا فيه رد على السفلة الفجرة الكفرة الذين يتجرءون على ربهم جل في علاه، فيتهمونه بالنقائص والمعايب، وهم الذين قالوا: إن الله بعد ما خلق السماوات والأرض تعب، -عليهم لعائن الله- فقال الله تعالى:{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق:٣٨]، وهناك أيضاً من ينسبون إلى لله الولد، فقال الله تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ}[الإخلاص:١ - ٣].