للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق بين مشركي هذا العصر ومشركي العرب قديماً

إن المشركين الذين أيقنوا بربوبية الله لما سئلوا: من خلق السماوات والأرض؟ قالوا: خلقهن الله، العزيز القدير الرحمن القوي الرب سبحانه، فكانوا يعتقدون أن الله ربهم، ولذلك لما نزلت بهم الضوائق وكانوا على مشارف الهلكة وحدوا الدعاء لله جل في علاه، فاعتقدوا الربوبية واعتقدوا بلازم الربوبية، والمعنى: أنهم اعتقدوا أن المدبر الخالق المنجي هو الله جل في علاه، وأن أمر هذا الكون كله بيده سبحانه، فعلموا أنه لن يقبل منهم ذلك إلا أن يأتوا بلازم الربوبية، وهو: توحيد الإلهية، فلجئوا إلى الله، أما المشركون اليوم فإنهم إذا حلت بهم ضائقة لجئوا إلى السيد البدوي أو الجيلاني.

فمشركوا العرب قديماً اعتقدوا ربوبية الله، وأتوا بلازم الربوبية، وهو توحيد الإلهية، والدليل على ذلك قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [يونس:٢٢].

فبعد أن أحيط بهم، وعلموا أن لا منجا ولا ملجأ من الله إلا الله {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [يونس:٢٢]، وأتوا بتوحيد الإلهية، وهذا هو الفرق بين هؤلاء، وبين مشركي العصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>