الصفة الثالثة: صفة السلام، ومعناها: أن الله جل وعلا سلم من كل نقص وعيب -كالسبوح- وسلم عباده من كل شر وسوء في الدنيا والآخرة.
وهذه الصفة من الصفات الثبوتية الذاتية التي ثبتت بالكتاب، والسنة، وبإجماع أهل السنة.
أما بالكتاب: فقد قال الله تعالى: {هُوَ اْللهُ اْلَّذِيْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوْ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ}[الحشر:٢٣].
وأما السنة: ففي الصحيح عن ابن مسعود: أن الصحابة كانوا يقولون: (السلام على الله، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله هو السلام)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من الصلاة يقول:(اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام).
ففي هذا تصريح بأن الله هو السلام، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات هذا الاسم له سبحانه.
والذي يتعبد يرى أن السلام لا يكون إلا من الله جل وعلا؛ لأنه هو السلام، وأن الله جل وعلا وضع بين الناس السلام في ابتداء المخاطبة وعند اللقاء، ولذلك ورد في السنن بسند صحيح أن الله جل وعلا لما نفخ الروح في آدم وصلت إلى أنفه فعطس، فقال: الحمد لله، فقال له الله جل وعلا: يرحمك الله يا آدم! وأمر أن يذهب إلى الملائكة فيسلم عليهم، فذهب وقال: السلام عليكم، فقالوا: عليكم السلام ورحمة الله، فقال: هذه تحيتك وتحية بنيك من بعدك.
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن تحية أهل الإسلام هي: السلام عليكم ورحمة الله، وردها: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وكأن المسلم يقول: أسأل الله أن يسلمك من كل شر وسوء، وأن يجعل لك ومعك السلام في الدنيا والآخرة.
والمتعبد لله بهذه الصفة يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله جل في علاه سيسلم قلبه من النقائص، ويسلمه في الآخرة من كل سوء وشر، ثم يفوز بدخول الجنة، قال الله تعالى:{تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ}[يونس:١٠].
فنسأل الله جل في علاه أن يدخلنا الجنة دار السلام، وأن يجعلنا من أهل السلام، وأن يجعلنا من دعاة السلام الحق، وممن يتقدم بين يدي طاعته بالسلام.