الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هديه إلى يوم الدين.
وبعد .. فقد كان فضلا من الله ومنّة، أن هدانى إلى القيام بمهمة إعداد بحث يجمع أحكام التجويد برواية حفص عن عاصم بن أبي النجود من طريق الشاطبية، يكون مرجعا للدارسين والدارسات بحلقات تحفيظ القرآن.
وقد استعظمت المهمة بادئ الأمر، وتهيبت خوض التجربة، وترددت لحظات تنازعني خلالها أمران: أمّا أولهما فشوق إلى الاشتغال بعلم من علوم القرآن وطمع فى نوال شرف تلك المنزلة، وأمّا الآخر فتحرّج واحتراز منى أن أكتب فى ميدان غير ميدان تخصصي وإن كانت تربط بين الميدانين وشائج قربى وثيقة، فتخصصي ميدانه الدراسات اللغوية واللغة العربية والبحث المنشود ميدانه المباحث القرآنية. غير أن ترددي لم يدم طويلا بفضل الله تعالي إذ ألهمني أن أتمسك بتلك العطية التي رزقني إياها، وألا أفرط فيها، فتعاظم أمرها في ناظريّ حتى بات إنجازها أسمى طموحاتي، وأوسع دوائر أحلامي. فاستعنت بالله العزيز، وشحذت الهمّة، واستنفرت الإرادة، وعزمت أن أخوض التجربة، وعاهدت نفسي أن أتفرغ لتلك المهمة الشريفة، قاصرة جل وقتي وجهدي عليها حتى أفرغ منها. إلى أن أتم الله نعمته على، ووفقني وأعاننى على إنجاز هذا الجهد المتواضع.
فله الحمد في الأولى والآخرة على ما أنعم وأولى، فبفضله ومشيئته انهالت على كثير من المراجع من أهل العلم والفضل، وكأنما كانت تسعى إلىّ- بفضل الله تعالى- قبل أن أسعى إليها، وبعون الله وتيسيره تفتحت أمامي كنوز المعارف