لا بد لنا من وقفة قصيرة نتعرف خلالها كيف يصدر الصوت من الإنسان وقتما يشاء. وما مصدره؟ أو بمعني آخر ما الآلة التي يعزف علي أوتارها الإنسان ليخرج منها صوتا نديا أو صوتا حادا أو غليظا.
ويجيب علماء الطب والتشريح بأن داخل حنجرة الإنسان حبلين. هذان الحبلان هما وترا الصوت لديه ويقوم هواء الزفير بتحريكهما والعزف عليهما عند خروجه من الرئتين أثناء عملية الزفير. وقد يسأل سائل: لو أن الأمر كذلك فلماذا إذن لا نسمع صوت الإنسان مع كل هواء زفير يخرج من رئتيه طيلة الليل والنهار حيث لا يتوقف خروج الزفير إلا بتوقف حياة الإنسان؟ وجواب ذلك: هو أن هذين الحبلين الصوتيين يكونان في وضعهما العادي مرتخيين ومنفتحين، أي متباعدين قليلا بدرجة تسمح لهواء الشهيق أو الزفير أن يمر خلالهما بسهولة ويسر بحيث لا يؤثر في الحبلين الصوتيين، ولا يتأثر بهما. فإذا ما أراد الإنسان إخراج صوت من حنجرته فإن الغضاريف المتصلة بالحبلين الصوتيين تقوم بشدهما، فتنغلق الفتحة التي بينهما، وينطبقان كما تنطبق الشفتان ويصبحان مشدودين كأوتار الآلة الموسيقية المشدودة استعدادا للعزف عليها. وعند ما يدفع الإنسان بهواء الزفير ليخرج من رئتيه يمر في طريقه بالحبلين الصوتيين فيهتزان بفعل قوة الهواء المحبوس محدثين صوتا تتناسب قوته مع قوة شد الوترين، ومع قوة إخراج الهواء المحبوس (انظر ص ٧١). ونستطيع أن نضرب مثلا لذلك بما يفعله الأطفال حين يلهون بالبالونات فيقوم أحدهم بنفخ البالونة ثم يمسك بفوهتها ويمطها بأصابعه من اليمين والشمال معا فى آن واحد، فتنطبق حافتا فوهتها الممطوطة كأنهما شفتان منطبقتان (أو وتران صوتيان مشدودان) فإذا ما حاول الهواء المضغوط داخل البالون أن يخرج، واجه معاناة شديدة، واحتكاكا قويا كي يتسرب من بين شفتي الفوهة وهذا الاحتكاك القوي يتسبب في اهتزاز شفتي الفوهة مصدرا الصوت الذي نسمعه حينذاك.