فقد قرأ القرآن علي أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه، وقرأ علي زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وكان يتردد عليهما، فيأخذ من هذا قراءة ابن مسعود، ومن ذاك قراءة علي، وهكذا استوثق في القراءة، وجمع فيها بين أقوي المصادر.
قال عنه أبو إسحاق السبيعي: ما رأيت أحدا أقرأ للقرآن من عاصم وروي عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال: سألت أبي أي القراءة أحب إليك؟ فقال: قراءة أهل المدينة، فإن لم يكن فقراءة عاصم.
وقد أثني عليه الأئمة وقدموه في القراءة وجعلوا قراءته في مقدمة القراءات المتواترة، وتلقوا روايته بالقبول. وكان رحمة الله إلي جانب علمه بالقراءة عالما بالسنة، لغويا، نحويا، فقهيا، وكان رجلا صالحا خيرا ثقة.
روي عنه القراءة كثيرون عد منهم الذهبي: حفص بن سليمان، وأبا بكر شعبة بن عباس، والمفضل بن محمد الضّبّي، والأعمش، ونعيم بن ميسرة ... وهؤلاء قرءوا عليه القرآن.
وفاته: قيل توفي رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائة هجرية (وفي قول آخر مائة وعشرين من الهجرة) جزاه الله عن الأمة خير الجزاء.
[ترجمة الإمام حفص]
هو حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الغاضري (قبيلة من بني أسد) البزاز الكوفي المعروف بحفيص وكنيته «أبو عمر»، ولد سنة ٩٠ هـ وتوفي سنة ١٨٠ هـ.
كان ربيب عاصم (ابن زوجته)، وكان أعلم أصحابه بقراءته أخذ القراءة عنه تلقينا.
ثناء العلماء عليه: أما في القراءة فيعدونه مقدما على أبي بكر بن عباس (شعبة) وهو الراوي الآخر عن عاصم. فهو أكثر حفظا وإتقانا، ولذلك اشتهرت روايته وتلقاها الأئمة بالقبول.