وكذلك قدرته وسمعه وبصره وحكمته وكذلك كان قوله في سائر صفات ذاته.
وكان يزعم أنه إذا زعم أن البارئ عالم فقد ثبت علماً هو الله ونفى عن الله جهلاً ودل على معلوم كان أو يكون.
وإذا قال أن البارئ قادر فقد ثبت قدرة هي الله ونفى عن الله عجزاً ودل على مقدور يكون أو لا يكون وكذلك كان قوله في سائر صفات الذات على هذا الترتيب.
وكان إذا قيل له: حدثنا عن علم الله - سبحانه - الذي هو الله أتزعم أنه قدرته أبى ذلك فإذا قيل له: فهو غير قدرته أنكر ذلك وهذا نظير ما أنكره من قول مخالفيه: إن علم الله لا يقال هو الله ولا يقال غيره. وكان إذا قيل له: إذا قلت: إن علم الله هو الله فقل أن الله تعالى علم ناقض ولم يقل أنه علم مع قوله أن علم الله هو الله.
وكان يسأل الثنوية فيقول لهم: إذا قلتم إن تباين النور والظلمة هو هما وأن امتزاجهما هو هما فقولوا: إن التباين هو الامتزاج.
وكان يسأل من يزعم أن طول الشيء هو هو وكذلك عرضه: هل طوله هو عرضه؟ وهذا راجع عليه في قوله: إن علم الله هو الله وأن قدرته هي هو لأنه إذا كان علمه هو هو وقدرته هي هو فواجب أن يكون علمه هو قدرته وإلا لزم التناقض كما لزم أصحاب الاثنين.
وهذا أخذه أبو الهذيل عن أرسطاطاليس وذلك أن أرسطاطاليس قال في بعض كتبه أن البارئ علم كله قدرة كله حياة كله سمع كله بصر كله فحسن اللفظ عند نفسه وقال: علمه هو هو وقدرته هي هو.
وكان يقول أن لمقدورات الله ومعلوماته مما يكون ومما لا يكون كلاً وغاية وجميعاً كما أن لما كان كلاً وجميعاً وأن أهل الجنة تنقطع حركاتهم فيسكنون سكوناً دائماً لا يتحركون وكان يقول بانقطاع الأكل والشرب والنكاح.
وكان أبو الهذيل إذا قيل له: أتقول أن لله عالماً قال: أقول أن له علماً هو هو وأنه عالم بعلم هو هو وكذلك كان قوله في سائر صفات الذات فنفى أبو الهذيل العلم من حيث أوهم أنه ثبته وذلك أنه لم يثبت إلا البارئ فقط.
وكان يقول: معنى أن الله عالم معنى أنه قادر ومعنى أنه حي أنه قادر وهذا له لازم إذا كان لا يثبت للبارئ صفات لا هي هو ولا يثبت إلا البارئ فقط.