إنما يوصف بالشدة والجلد على التوسع لأن الجلد وشدة البدن ليسا من القدرة في شيء لأن ذلك بمعنى الصلابة والله - سبحانه - لا يجوز أن يوصف بالصلابة فإن وجدنا ذلك من صفات الله - سبحانه - فهو على المجاز.
وليس يجوز أن يوصف الله - سبحانه - بأنه شديد العقاب وما أشبه ذلك من صفات الأفعال لأن الشديد من صفات الأفعال إنما هي الأفعال وقول الله -عز وجل-: {أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}[فصلت: ١٥] مجاز معناه أنه أقدر منهم ولو لم يكن ذلك مجازاً لكانت قوته شديدة في الحقيقة وقوته في الحقيقة لا توصف بالشدة.
وكان يزعم أن البارئ مشاهد للأشياء بمعنى أنه راء لها وسامع لها فقيل له من معنى الرؤية والسمع أنه مشاهد على التوسع لأن المشاهد منا للشيء هو الذي يراه ويسمعه دون الغائب منا.
وكان يصف البارئ بأنه مطلع على العباد وأعمالهم توسعاً ومعنى ذلك عنده أنه عالم بهم وأعمالهم.
وكان يزعم أن الوصف لله بأنه غني أنه لا يصل إليه المنافع والمضار ولا يجوز عليه اللذات والسرور ولا الآلام والغموم ولا يحتاج إلى غيره.
وكان يزعم أن البارئ نور السموات والأرض توسعاً ومعنى ذلك أنه هادي أهل السموات والأرض وأنهم به يهتدون كما يهتدون بالنور والضياء وأنه لا يجوز أن نسميه نوراً على الحقيقة إذ لم يكن من جنس الأنوار لأنا لو سميناه بذلك وليس هو من جنسها لكانت التسمية له بذلك تلقيباً إذ كان لا يستحق معنى الاسم ولا الاسم من جهة العقول واللغة ولو جاز ذلك لجاز أن يسمى بأنه جسم ومحدث وبأنه إنسان وإن لم يكن مستحقاً لهذه الأسماء ولا لمعانيها من جهة اللغة فلما لم يجز ذلك لم يجز أن يسمى على جهة التلقيب.
وكان الحسين النجار يزعم أنه نور السموات والأرض بمعنى أنه هادي أهل السموات والأرض.
وكان الجبائي يزعم أن معنى وصف الله نفسه بأنه {السَّلامُ}[الحشر: ٢٣] أنه المسلم الذي السلامة إنما تنال من قبله: وكذلك قوله بأن الله هو الحق إنما أراد أن عبادة الله هي الحق.
قال: وقد يجوز أيضاً أن يعني بقوله: {أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}[النور: ٢٥] أن الله هو الباقي المحيي المميت المعاقب {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ}[لقمان: ٣٠] أراد بذلك أنه يبطل ويذهب ولا يملك لأحد ثواباً ولا عقاباً.