وزعم أن الوصف لله بأنه مؤمن أنه آمن العباد من أن يأخذ أحداً منهم بغير حق وأن معنى المهيمن أنه الأمين على الأشياء وأن الهاء التي في المهيمن بدلاً من الهمزة التي في الأمين وكذلك معنى قوله:{وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ}[المائدة: ٤٨] معنى أميناً عليه.
وكان يصف البارئ بأنه جواد ولا يصفه بأنه سخي لأن ذلك إنما أخذوه من قولهم أرض سخاوية أي لينة.
وكان يقول أن الوصف لله - سبحانه - بأنه غالب من صفات الذات ومعناه أنه قاهر مقتدر والوصف له بأنه طالب عنده من صفات الفعل ومعناه أنه يطلب من الظالم حق المظلوم وكان يزعم أن الوصف لله - سبحانه - بأنه راحم من صفات الفعل وأن معناه أنه منعم ناظر محسن.
ويزعم أن البارئ لا يوصف بالإشفاق على عباده لأن معناه الحذر وذلك أن ترك المريض للأغذية الردية إشفاقاً منها إنما هو لحذره من المرض ولا يجوز ذلك على الله.
وكان يزعم أن معنى الوصف لله بأنه لطيف قد يكون بمعنى منعم وقد يكون بمعنى أنه لطيف التدبير والصنع لأن تدبيره لا يعرفه العباد للطفه.
وكان لا يصف البارئ بأنه رفيق لأن الرفق في الأمور هو الاحتيال لإصلاحها ولإتمامها والتسبب إلى ذلك وزعم أن الله يوصف بأنه ناظر لعباده بمعنى أنه منعم عليهم ولا يوصف بذلك عنده بمعنى الرؤية لأن النظر في الحقيقة إلى الشيء ليس هو الرؤية وإنما هي تحديق العين وتقليبها نحو المرئي وكذلك الاستماع عنده للصوت غير السمع له وغير إدراكه وإنما هو الإصغاء إليه إذا كان سمعه وأدركه ولا يجوز أن يوصف البارئ عنده بالاستماع وكذلك النظر في الأمر ليقف الناظر على صحته أو بطلانه هو الفكر ولا يجوز الفكر على الله - سبحانه - ومعنى الوصف لله بالغفران عنده أنه غفور وأنه يستر على عباده ويحط عنهم عقاب ذنوبهم ولا يفضحهم والمغفر١ إنما سمي مغفراً لأنه يستر رأس الإنسان ووجهه في الحرب.
وزعم أن الوصف لله بأنه شكور على جهة المجاز لأن الشكور في الحقيقة شكر النعمة التي للمشكور على الشاكر فلما كان مجازياً للمطيعين على طاعاتهم جعل مجازاته إياهم على طاعاتهم
١ المغفر: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة وقيل: هو حلق يتقنع به المتسلح. وقال ابن الشميل: المغفر حلق يجعلها الرجل أسفل البيضة تسبغ على العنق فتقيه.