شكراً على التوسع إذ كان الشكر في الحقيقة هو الاعتراف بنعمة المنعم وليس الحمد عنده هو الشكر لأن الحمد ضد الذم والشكر ضد الكفر وزعم أن البارئ يوصف بأنه حميد ومعنى ذلك أنه محمود على نعمه وكان يزعم أن البارئ إذا فعل الصلاح لم يقل له صالح وإنما الصالح من صلح بالصلاح وكذلك قول غيره.
وكان لا يسمي الله بما فعل من الفضل فاضلاً لأنه إنما يفضل بذلك غيره وهو -عز وجل- مستغن عن الأفضال أن يفضل بها أو يشرف بها وإنما يشرف ويفضل بالأفضال من تفضل الله بها عليه وكذلك يقول غيره.
وكان يزعم أن الله خير بما فعل من الخير لأن من كثر منه الشر قيل له شرير وزعم أن الأمراض والأسقام ليست بشر في الحقيقة وإنما هي شر في المجاز وكذلك كان قوله في جهنم وكان يزعم أن جمع فاعل الشر أشرار وكان يقول أن عذاب جهنم ليس بخير ولا شر في الحقيقة لأن الخير هو النعمة وما للإنسان فيه منفعة والشر هو العبث والفساد وعذاب جهنم فليس بصلاح ولا فساد وليس برحمة ولا منفعة ولكنه عدل وحكمة.
وخالفه الإسكافي وغيره في ذلك فزعموا أن عذاب جهنم خير في الحقيقة ومنفعة وصلاح ورحمة بمعنى أنه نظر لعباده إذ كانوا بعذاب جهنم قد رهبوا من ارتكاب الكفر.
وأما أهل الإثبات فيقولون أن عذاب جهنم ضرر وبلاء وشر في الحقيقة وأن ذلك ليس بخير ولا صلاح ولا منفعة ولا رحمة ولا نظر.
وزعم عباد بن سليمان أن الله - سبحانه - لم يفعل شراً بوجه من الوجوه ولم يقل: إن عذاب جهنم شر في الحقيقة ولا في المجاز وكذلك قوله في الأمراض والسقام وهو يعارض المعتزلة فيقول لهم: إذا قلتم أن البارئ فعل فعلاً هو شر على وجه من الوجوه فما أنكرتم من أن يكون شريراً؟