يوصف البارئ - سبحانه - بأنه قادر على عدل لم يفعله واعتل بأنه لو جاز أن يفعل البارئ ما هو عدل لجاز أن يفعل ما هو جور.
وكان يعارض من قال: إن القادر على الفعل قادر أن يفعل.
١٠ - وكان معمر يقول: إن القادر على الحركة قادر أن يتحرك وكان يقول: لما قلتم أنه يقدر على الحبل من لا يقال أنه قادر أن يحبل كذلك قادر على الجور من لا يقال أنه قادر أن يجور.
وكان يعارض أبا الهذيل فيقول له: إذا قدر القديم على الصدق فيجب أن يكون قادراً على أن يصدق وهذا يوجب أن يكون قادراً على أن يصدق أهل الجنة.
١١ - وقال كل من ثبت البارئ قادراً على الظلم والجور من المعتزلة: إن البارئ قادر أن يظلم ويجور.
١٢ - وقال أهل الإثبات: إن البارئ قادر على ظلم غيره وجوره وإيمانه وكسبه ولا يوصف بالقدرة على أن يظلم ويجور ولا بالقدرة على أن يكتسب ولم يصفوا ربهم بالقدرة على ظلم لا يكتسبه العباد.
إلا طوائف منهم فإنهم قالوا: إن الله قادر أن يضطر العباد إلى ظلم وجور ولا جور في العالم ولا ظلم فيه إلا والله - سبحانه - فاعل لذلك.
١٣ - وقال النظام وأصحابه وعلي الأسواري والجاحظ وغيرهم: لا يوصف الله - سبحانه - بالقدرة على الظلم والكذب وعلى ترك الأصلح من الأفعال إلى ما ليس بأصلح وقد يقدر على ترك ذلك إلى أمثال له لا نهاية لها مما يقوم مقامه.
وأحالوا أن يوصف البارئ بالقدرة على عذاب المؤمنين والأطفال وإلقائهم في جهنم.
١٤ - وقال أبو الهذيل: إن الله - سبحانه - يقدر على الظلم والجور والكذب وعلى أن يجور ويظلم ويكذب فلم يفعل ذلك لحكمته ورحمته ومحال أن يفعل شيئا من ذلك.
١٥ - وقال أبو موسى وكثير من المعتزلة: إن الله - سبحانه - يقدر على الظلم والكذب ولا يفعلهما فإذا قيل: فلو فعلهما؟ قالوا: لا يفعلهما أصلاً وهذا الكلام قبيح لا يحسن إطلاقه في رجل من صلحاء المسلمين فكذلك لا يطلق في الله -عز وجل- وليس بجائز أن يقول قائل: لو زنى أبو بكر وكفر علي