ومحال أن يرى القرآن أو يسمع عند هؤلاء إلا من الله دون خلقه لأنه محال أن يرى راء أو يسمع سامع عند هؤلاء إلا ما كان مخلوقاً جسماً فهذه أقاويل من قال أن القرآن جسم.
فأما الفرقة التي زعمت أن القرآن ليس بجسم ولا عرض فهما طائفتان:
٤ - قال فريق منهم: إن القرآن عين من الأعيان ليس بجسم ولا عرض قائم بالله وهو غيره ومحال أن يقوم بغير الله وهو عند هؤلاء إذا تلاه التالي أو خطه الكاتب أو حفظه الحافظ فإنما يخلق مع تلاوة كل تال وحفظ كل حافظ وخط كل كاتب قرآن آخر مثل القرآن قائماً بالله دون التالي والكاتب والحافظ.
٥ - وقال فريق منهم وهم الذين يجعلون الله - سبحانه - جسماً لا كالأجسام وأن القرآن ليس بجسم ولا عرض لأنه صفة لله - سبحانه - وصفة الله - سبحانه - محال أن تكون هي الله ويحيلون أن يكون شيء غير الله ليس بجسم فلذلك يقولون: إن القرآن عرض ولو كان جسماً غير الله لما كان عندهم إلا في مكان دون مكان لأنهم يحيلون أن يكون الجسم بكل مكان لأن ذلك عندهم خلاف المعقول وقد جعلوا القرآن في زعمهم في أماكن كثيرة لأنه صفة لله وصفة الله عندهم قد يجوز أن تكون في أماكن كثيرة لمخالفة حكمه لحكم الأجسام والأعراض.
٦ - وقال زهير الأثري: إن كلام الله - سبحانه - ليس بجسم ولا عرض ولا مخلوق وهو محدث يوجد في أماكن كثيرة في وقت واحد.
٧ - وقال أبو معاذ التومني: إن كلام الله - سبحانه - ليس بعرض ولا جسم وهو قائم بالله ومحال أن يقوم كلام الله بغيره كما يستحيل ذلك في إرادته ومحبته وبغضه.
فأما الذين زعموا أن كلام الله - سبحانه - أعراض فإنهم أحالوا أن يكون قائماً بالله - سبحانه -.
واختلف الذين قالوا أن القرآن عرض:
٨ - فقال طائفة منهم: إن القرآن عرض في اللوح المحفوظ فهو قائم باللوح ومحال زواله عن اللوح ولكنه كلما قرأه القارئ أو كتبه الكاتب أو حفظه الحافظ فإن الله - سبحانه - يخلقه فهو في اللوح مخلوق ومحال أن يكون القرآن الذي في اللوح المحفوظ اكتساباً لأحد إذا تلاه التالي فتلاوته له الله يخلقها في هذه الحال اكتساباً للتالي فهو في هذه الحال مخلوق خلقاً ثانياً