للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحياء، ويمري من العين الماء.

سوءُ أثرِ الفراق والاشتياق

حالي بَعْدَكَ حالُ غُصنٍ ذوى بعد ارتوائه، ونجمٍ هوى عند اعتلائهِ، ما حالُ ذاوي نَبْتٍ أمسك مَطَرُهُ، وساري ليلٍ غاب قمرُه، قد تركني فراقُك، قتيل اشتياقِك، وغادرني بَعدَك أقاسي بُعدكَ قد تحملتُ مع يسير الفرقةِ عظيم الحرقَةِ، ومَعَ قليل البعد، كثرة الوجدِ، فارقتني ففرقت جميعَ صبري، واسْتصحَبْتَ فريقاً من قلبي ما فارقتك بعيداً، حتى استصحَبْتَ من نفسي فريقاً، ولا سرت مِيلاً حتى سرت بقلبي جميعاً، فارقتَني ففرقتَ بين جنبي والمهادِ، وجمعتَ بين عيني والسُّهادِ، لولا حصانةُ الأجلِ، لخرجت روحي على عَجَل.

ذِكْرُ الوَداع

ودّعَتني فأودعتني شوقاً يجور حكمُه، وقلقاً ينفذُ سَهْمُهُ، قد وَدَعت بوادعِكَ العافية، والعيشة الراضية، ودعتُ بوداعِك الدّعة، وفارقت بفراقِكَ الرَّوْحَ والسّعَة، وَدعتُ يوم وداعِكَ دُنيايَ التي كنتُ أستمتع بها، وحياتي التي كنت أنتفع بعوائد النِّعَم فيها.

ذِكْرُ أيامِ اللقاء ووصفها

يا أسفا على عقلاتِ العَيش إذ ظهائرنا أسحار، وليالينا أنهار، وشهورنا أيام، وسنوننا قصار، والدَّهر غافل وَباع الفراق قاصرٌ، ورَبع التلاقي عامرٌ، ورَوْض الأنس ناضرٌ، حين الزمان غلامٌ، والحلم حرامٌ، كانت تلك الأيام من غُرر العُمْر، وغُرر الدهر، تذكرتُ أيامنا فتذكرتُ سحراً ونسيماً، وعَيشاً سليماً، ورَوْحاً وريحاناً وَنعيماً، وخيراً عميماً، وابتهاجاَ مقيماً، أيامٌ حَسُنَتْ فكأنها أعراسٌ، وَقَصُرت فكأنها أنفاسٌ.

<<  <   >  >>