للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زهيرُ بن أبي سُلمى

هو أحد الأربعة الذين وقع عليهم الاتفاق على أنهم أشعر العرب وهم: امرؤ القيس، وزهير، والنابغة، والأعشى. فأما الاختلاف في تفضيل بعضهم على بعض فباقٍ إلى اليوم، وكان يقال: أشعر الناس امرؤ القيس إذا ركب، وزهير إذا رغب، والنابغة إذا رهب، والأعشى إذا شرِب. وكان زهير أجمع الناس للكثير من المعاني في القليل من الأَلفاظ، وأحسنهم تصرفاً في المدح والحكمة، ويقال: إن أبياته في آخر قصيدته التي أولها:

أمِنْ أُمّ أَوْفَى دِمْنةٌ لمْ تكَلَّمِ ... بِحَوْمَانَةِ الدَّرَاجِ فَالمُتَثلَمِ

تشبه كلام الأنبياء وهي من أحكم حكم العرب وهي:

وَمَنْ لا يُصانعْ في أمورٍ كَثِيرَةٍ ... يُضرَّسْ بِأَنياب وَيُوطأ بِمَنْسمِ

وَمَنْ يجعلِ المعروفَ من دون عِرْضِهِ ... يَفرْهُ ومَنْ لا يَتّقي الشَتْمَ يُشتَم

وَمَنْ لَم يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بسِلاحِهِيُهدَّم وَمَنْ لَمْ يَظْلِمِ الناسَ يُظْلَمِ

وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْلٍ ويَبْخَلْ بِفَضْلِهِ ... على قَوْمِهِ يُسْتَغْنَ عَنْهُ ويُذْمَمِ

وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسِبْ عَدُوّاً صَديقَهُ ... وَمَنْ لا يُكَرِّمْ نَفْسَهُ لا يُكَرَّم

وَمَهمَا تكُنْ عندَ امرىءٍ مِنْ خَلِيقةٍ ... وإِنْ خالَها تَخْفَى عَلى النَاسِ تُعْلَمِ

ومن أمثاله السائرة:

وَهَلْ يُنْبِتُ الخَطِيَّ إلا وَشيجُهُ ... وتُغْرَسُ إلاّ في منابِتِها النَّخْلُ

وقوله:

والسَّتْر دونَ الفاحِشات ولا ... يَلْقاكَ دونَ الخَيرِ من سِتْرِ

<<  <   >  >>