والتسليم، لا تسخط لقدرِ الله وهو عدل، ولا تكره لقضائه وهو فصلٌ، فإنا للَه وإنّا إليه راجعون، تسليماً لما أمضاهُ، ورضىً بما قضاهُ، قضاء الله ماضي، وهو أعدلُ قاضي فإنا للَّهِ وإنا إليه راجعون، رضىً بقضائهِ الذي لا يراجَعُ في إمضائه، وقدرهِ الذي لا يُغالب في إجرائهِ.
في حَمل قضاءِ الله على الأصلح لعباده
مولاي يعلم أن الله عزّ وجلّ يحيي ما كانت الحياةُ أنفع، ويميتُ إذا كان الممات أصلح، إنَ الله يُبقي العباد ما دام البقاءُ أعمر لمكانِهم، ويتوفَّاهم ما كانت الوفاة أصلح لأديانهم، إنا لله وإنا إليه راجعون علماً بأنَّ مقادير الله تجري، ولا جري إلاّ على موجباتِ الحكمةِ، وتدبيره لا يخلو من باطن المصلحة أو ظاهر النَعمة، معلومٌ أن الله تعالى يُبقي ما كان البقاءُ أنجح، ويميت إذا كان الممات أصلح، ولذلك قَبض الأنبياء والمرسَلين وأنزل على المصطفى:" إنّك ميِّت وإنهم ميتون ".
الأمرُ بالصبرِ والنَّهيُ عن الجَزَعِ
عليك عزيمة الصَّبر فإنها في الدين حَتْمٌ، وفي الرأي حَزْمٌ، وليس للحي انتفاعٌ، ولا للميت ارتجاعٌ، أنت أحق من احتسب فاكتسبَ أجراً جزيلاً، وصبر صبراً جميلاً، أنت تعلم أنَّ شوائبَ الدهر لا تُدفع إلاّ بعزائم الصبر، اجعل بين هذهِ اللوعة الغالبةِ. والدمعةِ الساكبة حاجباً من فضلك، وحاجزاً من عقلكَ، ودافعاً من دينك، ومانعاً من يقينِكَ، إنّ المحنَ إذا لم تُعالج بالصبر، كانت كالمنح إذا لم تعاجل بالشكر، المرءُ لا بد سالٍ، ولو بعد أحوالِ وأحوالٍ، فما عليك أن تعجِّل ما تغتنمه البَرَرة، وتقدِّم ما تؤخر الفَجَرة.
التسليةُ ببقاءِ الباقي عن الماضي
نَعِم الله في فلانٍ عظيمةٌ، وقد جبر الكسر، وأوجب الصَبر وأقيم الظهر ولزم الشكر، فالحمد للَه الذي أولى كما ابتلى، وأعطى بإزاء ما اقتضى لئن كانت المصيبة في فلان عظيمة لقد سيّدها الله من سيدي بأصلح خَلَف لأفضل سَلَف، وأنجبِ فرع لأكرم أصلٍ، في بقاء مولاي ما يجبرُ كل كسيرٍ، ويهوِّن أمر كل عسيرٍ، فيا لها من حادثة