للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالذخائر، ويستأثر بالأخائر، هو الدهر لا تتهنى فيهِ المواهبُ حتى تكدِّرها الشوائب، وتخللها المصائب، ولا تصفو فيه المشارب، من عرف الزمان، لم يستشعر منه الأمان، هي الأيام ترتجع العَرِية، وتتلقى بالأمنية المنيَّة.

ذِكْرُ الدنيا

قد جعل الله الدنيا دارَ قلعة، ومحلَّ نقلةٍ، فمن راحِلٍ ليومِهِ، ومن مدعوٍّ لغدهِ، وكل مستوفٍ لأجله، وجارٍ إلى أمدِهِ، ما الدنيا إلا دار نُقلة، وما المقام فيها إلا لرحلةٍ، على شرطِ الفَناء، خلق اللَهُ الدنيا وقال: " والآخرةُ خيرٌ وأبقى " شرط الدنيا صلة المنائح بالحوائج، وجمع الرغائبِ إلى النوائب، فموهوبها مسلوبٌ، وإن أرخى إلى مَهَل، وممنوحها محروبٌ، وإن أُخِّر إلى أجَل. نحن في الدنيا على أوفازٍ ومجاز، وحذار وانتظار الدنيا عارية مرتجعة، وسحائب منقشعة، قد تنكرتِ الدنيا حتى صار الموتُ أخفَّ خطوبِها، وأصغر ذنوبها، فلينظر المرءُ يَمنةً، هل يرى إلاّ مِحنةً، ثم ليعطف يَسرةً، هل يرى إلاّ حَسرةً.

ذِكْرُ الموتِ

إنّ الله تعالى سَوّى بين المريَّة، في ورد حوضِ المنيّةِ، معلومٌ أن الموت كُلٌّ شاربٌ بكأسهِ، ومُكْتَسٍ من لبسه، وإنما تقدُّم أيام وتأخر أعوام، الموتُ خَطْبٌ عظيم، عظم حتى هان، وخَشُنَ مسُه حتى لان، قد علمتَ أن الله للعدَمِ أوْجدنا، وللفناءِ خلقنا، المرء يظن أنه مؤخر إلى تمام، ومنسيٌ لأيام وأعوام، والمنونُ تطلبه حثاً وحَضًّا، حتى تدركه خَبَباً ورَكْضاً.

في الرِّضا بقضاءِ الله والتسليم لحكمه

ما الْحِيلة وَقَدْ حَل القضاء، وفرض العزاء، ونَزَل البلاءُ الجسيم، وكتب الرضى

<<  <   >  >>