قد خَصَه الله بشرفِ الولادة، وجازَ له إرثَ النبوة، وبؤَأهُ محل الخلافة، واسترعاهُ أمر الأمةِ، لا ديناً آلا به ومعه، ولا ديناً إلاّ لمن تولاّه واتبعه، كافل الأمة وراعيها، وسائس الملَة وَحاميها، سليل النبوّة، وعقيد الخِلافة وسيد الأنامِ، والمستنزل بوَجههِ دَرّ الغَمام، إن اللَهَ شفع النبوةَ بالخلافة، إكمالاً للرحمة والرأفة، وقَرَن الرسالةَ بالإمامة، نظراً للخاصة والعامة.
ذِكْرُ السُّلطان
السلطانُ ظِل اللهِ في أرضه، المؤتمنُ على حقه، واليدُ المبسوطةُ في خلقه، السلطان يرحم ما وسعت الناس النعمة، ويعاقب إذا أصلحتهم النقمةُ، عالماً أن الله قَرَنَ وعدَه بوعيده، وثوابَه بعقابه، السلطان زِمام على المِلَة، ونظامٌ للجملة، وجلاء للغُمة، وعماد للذين، وقارعة على المفسدين. تَهيبَ السلطان فرض أكيد، وحتم على من ألقى السمع وهو شهيد، من عَصى السلطان فقد أطاع الشيطانَ، السلطان يدافع عن سَوادِ الأمة، وبياض الدعوة. من شايع السلطان حَمَدَ يومَه وغدَه، ورجا من العيش أرغده، ومن نابذه كان في الأشقين مكتوباً، وللفم واليدين مكبوباً.
محاسنُ أوصافِ الملوك وممادِحُهم
قد أحيا سِيَرَ العدل، وأماتَ سِيَر الجَور، فحِمى الدين منيعٌ، وجنابُ الملك مَريع، قد أنام الأنام في ظل عدلِهِ، ووسعهم بإحسانه وفضله، في يده خاتم عَدْل، وفي حكمه صارم فضلٍ، نفوس الرعية في ظلال السكونِ وادعَة، وفي رِياضِ الأمن راتعَة، دَولتُه على العَذلِ مُؤَسسة، ومن الجورِ مُقدسَة، قد صرَّف الناسَ بين خشونة إيعادهِ، ولينِ مَعادِهِ، وأراهم بَريقَ حُسامِهِ، مشفوعاً ببوارقِ إنعامهِ. مولانا مستقل في ذُروة عِزه، مستقِل بأعباء مُلكه، يَتصرفُ في السياسة بين رِفق من غير ضَعف، وخشونة من غير عُنفِ، هو العَدل متبسماً، والجُود متحسماً، والبحر متكلماً، والليث متكرماً.