للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها إلى دَرْك المرام، كأنه أوحي بالتوفيق إلى صَدره، وحُبسَ الصَّوابُ بين طبعِه وفكره، يوجزُ فلا يُخِل، ويُطنِبُ فلا يُمل، كأنما جُمع الكلامُ حولَه حتى انتقى منه وانتخب، وتناول منهُ ما طلَبَ، وترك بعد ذلك أذناباً لا رؤوساً، وأجساداً لا نفوساً، له كلامٌ يشتد مرةً حتى تقول الصخر الأملس، ويلين تارةً حتى تقول الماء وأسلسُ، ألفاظُهُ دُرَرٌ، وأضدادها دُرَرٌ، كأن الكلام قد سَهُلَتْ له حُزونه، ولانت متونُه، وطاعت عيونه، ودانت له أبكارُه وعُونُهُ.

وَصْفُ النَّظْم والنثر معاً

نثرٌ كنثر الوردِ، ونظمٌ كنظم العِقدِ، نثرٌ كالسِّحر أو أدق، ونظمَ كالماء أو أرق، ورسالة كالروضة الأنيقةِ، وقصيدةٍ كالمخدَّرة الرَّشيقةِ، رسالة كالروضةِ تقطر ظرفاً، وقصيدة تمزج بالراح لطفاً، نثر كالحديقةِ تفتحت أحداقُ وَردها، ونظمٌ كالخَريدةِ، تَوَرَّدت أشجارُ خَدِّها نثراً أنسى حلاوةَ الأولادِ بحلاوتهِ، وطلاوةُ الربيع بطلاوته، وشعرٌ من حُلَة الشَباب مسروق، ومن طِيبه الوِصالُ مخلوق.

وَصْفُ الشِّعرِ

قصيدة، في فنَها فريدة، عروس كسوتُها القوافي، وحِليتها المعاني، شِعرٌ رَوَيْتُهُ لما رأيتُهُ، وحفظتُه لما لحظتُه، شعرٌ مع قُربِ لفظهِ بعيد المرام، مستمرُ النِّظام، شعر يختلط بأجزاء النفس لنفاسته، ويكادُ يُفتن كاتبُه من سَلاسَته، شِعرٌ هو عين البديع، يجمع حُسْن التَّصريع، ولطف التَّرصيع، كل بيت شعر، خيرٌ من بيت تِبر.

وَصْفُ الشعراء

لِلّه دَرّهُ، ما أحلى شعره، وأنقى درَّهُ، وأصفى قَطرهُ، وأعجب أمرَهُ، قد أخذ

<<  <   >  >>