للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حنانيك أعد النّظر فَمَا هِيَ إِلَّا القيت يقرقر زجاجة، من قضابها لغيرك فِيمَا اخبث حَاجَة. وَإِن كَانَ وَقع لما أَلْقَاهُ فِي الْأَمر شَيْء من الباس، وَحضر لما زينه وأعانه عَلَيْهِ قوم آخَرُونَ من النَّاس، فَمَا بِنَا من ظُهُور الْحق لديك اياس، وحاشاك أَن يخْفض للجوار بِحَضْرَة عَهْدك الْكَرِيم كَبِير أنَاس. فَأَعْرض عَمَّا تسوله شياطين الْأنس وتحلية، وتعده من الأباطيل وتمنيه، وعد عَمَّا يزخرفه كل خف مزق القَوْل مِنْهَا فيستند كل نقل رِوَايَته إِلَى أصل غير ثَابت؛ فيربط قِيَاس رُؤْيَته بِمَا اطمع خضراء الدمن نابت، قد غمس فِي آل القَاضِي يَمِين طعمه، وجزاه على غموس الْيَمين فرط هلعه. فَمَا ينْطق لِسَانه إِلَّا بِمَا يَجْعَل فِي كَفه من الصَّامِت، وَاعْتمد مشورة نَاصح لَك بإلغاء نصحه حذر الوشاة فتخافت. وَإِذا حضرك الْغَاوُونَ المستبغون، وألقوا من حبال كيدهم وَعصى مَكْرهمْ مَا هم ملقون؛ فتعوذ بِاللَّه من شَرّ مَا يشركُونَ، واستحضر من الْحق كلمة تلقف مَا يافكون، وَمن يكْسب خَطِيئَة أَو إِثْمًا ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا فقد احْتمل بهتاناً وإثماً مُبينًا. ثمَّ اسْمَع من لِسَان الْحَال، وَهُوَ أفْصح من لِسَان الْمقَال، حجَّة من اعْتَادَ سيلان الْفَضَائِل من يَديك، وَمثله جاثياً للاحتكام لديك، أَلَيْسَ من قَوَاعِد الحكم نظر حَال الْمُدعى وَحَال الْمُدعى عَلَيْهِ، وَمن يَلِيق بِهِ مَا عزى لَهُ وَمن لَا يناط بِهِ مَا نسب إِلَيْهِ؟ هَل يستويان مثلا، أَو يتقاربان قولا، ويتقارنان عملا، أَو يتباعدان بعد المشرقين، ويتباينان فَوق مَا بَين عطاردين؟ فَمن الَّذِي يَتْلُو الْآيَات ويردد واعظها، ويسرد الْأَحَادِيث وَيسمع مواعظها، ويطرد فِي الاسحار الهجوع، وَيُرْسل فِي مجَالِس الْخَيْر الدُّمُوع، ويتعبد مَعَ العابدين، ويتقلب مَعَ الساجدين؟ أم هُوَ كَذَا وَكَذَا وَكَيْت وَكَيْت مِمَّا يكثر عِنْد التعداد، وَلَا يحمل فِي مثله اسْتِعْمَال الْقَلَم والمداد؟ فعلى من تحمل الْيَمين وَالْكذب، أَعلَى من أَلفه الْجد أم على من غلب عَلَيْهِ اللّعب؟ فَإِن غير هَذَا أَو غير هَذَا لأمر مَا وَقيل هما فِي الثَّنَاء سيان، وَعند النداء سميان، وَقد ظهر للْمُدَّعى فِي صكوك الْحساب رُجْحَان، وَهَذَا ديوَان الْعَمَل فِيهِ شَهَادَة فلَان على خطّ الْمَطْلُوب وَفُلَان، فادرا هَذِه الشُّبْهَة المشوهة وَالْحجّة الداحضة المموهة. فَإِن اضْطِرَاب الْمذَاهب فِي الْعَمَل بِالْكتاب، وتفرق أَرْبَابهَا على أشتات الطّرق والشعاب، فَمنهمْ من أهمله جملَة فِي كل الْأُمُور

<<  <   >  >>