للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتقلد الدّلَالَة على غَيْرِي، فَإِنَّهُ، إِن جَار، شاركته فِي جوره {فاغضب ذَلِك الْأَمِير ولح فِي أَن لَا يعفيه. وألزمه صَاحب رسائل غدابه إِلَى الْمَسْجِد الْجَامِع، فأجلسه مجْلِس الحكم، وَقَالَ للخصوم: هَذَا قاضيكم} فَلبث يحيى على تِلْكَ الْحَال ثَلَاثًا، وَهُوَ لَا يمد يَده لكتاب، وَلَا يتَكَلَّم مَعَ أحد، إِلَى أَن ضَاقَ صَدره؛ فَكتب إِلَى الْأَمِير يُشِير بإبراهيم ابْن الْعَبَّاس؛ فقلده، وكف عَن يحيى. وَمِمَّنْ تخلف عَن قبُول خطة الْقَضَاء، الإِمَام مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي. فراجع أَمِير الْمُؤمنِينَ، عِنْد الْعَزْم عَلَيْهِ فِي التَّوْلِيَة، بِأُمُور مِنْهَا أَن قَالَ لَهُ: إِن هَذَا الْأَمر لَا يصلح لَهُ من يشركك فِي نسبك. وَتوقف عَن الْعَمَل حَتَّى ترك. وَهُوَ الْقَائِل: من ولي الْقَضَاء، وَلم يفْتَقر، فَهُوَ سَارِق؛ وَمن لم يصن نَفسه، لم يَنْفَعهُ الْعلم. وبمثل مقَالَة الشَّافِعِي فِي الِاعْتِذَار عَن قبُول الْقَضَاء، أَشَارَ عبد الْملك بن حبيب على عبد الرَّحْمَن ابْن الحكم، فِي نازلة القَاضِي إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الْقرشِي؛ وَهِي النَّازِلَة الَّتِي تنْسب لَهُ. وللفقيه يحيى بن يحيى السُّورَة على الْخَلِيفَة؛ فَقَالَ لَهُ ابْن حبيب وَأما القَاضِي، فَلَا يَنْبَغِي للأمير أعزه الله {أَن يُشْرك فِي عدله من يشركهُ فِي حَسبه. فعزل الْأَمِير الْقرشِي قاضيه، وَذَلِكَ آخر سنة ٢١٣. وَولي الْقَضَاء مَكَانَهُ مُحَمَّد بن سعيد. وَعرض أَمِير الْمُؤمنِينَ الرشيد على الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي قَضَاء الْمَدِينَة، وجائزته أَرْبَعَة آلَاف دِينَار. فَامْتنعَ؛ فَأبى الرشيد أَن يلْزمه، فَقَالَ: وَالله} يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ {لِأَن يحنقني الشَّيْطَان أحب إِلَيّ من أَن أَلِي الْقَضَاء} فَقَالَ الرشيد: مَا بعد هَذَا شَيْء {وأعفاه، وَأَجَازَهُ بألفي دِينَار. وَرَأَيْت فِي كتاب تَرْتِيب المدارك تصنيف القَاضِي عِيَاض بن مُوسَى بن عِيَاض وَمن خطه نقلت، وَقد ذكر عبد الله بن فروخ الْفَارِسِي، فَقِيه القيروان فِي وقته؛ فَقَالَ: كَانَ أكره النَّاس فِي الْقَضَاء. وَكَانَ يَقُول: قلت لأبي حنيفَة: مَا مَنعك أَن تلِي الْقَضَاء؟ فَقَالَ لي: يَا ابْن فروخ} الْقُضَاة ثَلَاثَة: رجل يحسن العوم، فَأخذ الْبَحْر طولا، فَمَا عساه أَن يعوم، يُوشك أَن يكل فيغرق؛ وَرجل بعومه، عَام يَسِيرا فغرق؛ وَرجل لَا يحسن العوم، ألْقى بِنَفسِهِ على المَاء، فغرق من سَاعَته. وَمن الْكتاب الْمُسَمّى أَن روح بن حَاتِم أرسل إِلَى ابْن فروخ ليوليه الْقَضَاء فَامْتنعَ؛

<<  <   >  >>