للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاسْتقر أخيراً بِمَدِينَة المرية قَاضِيا وخطيباً، إِلَى أَن توفّي بهَا فِي شهر رَمَضَان عَام ٧٧٣، عَن بنت من أمته، لَا غير من الْأَوْلَاد، وَأَرْبع زَوْجَات، وعاصب بعيد. وَكَانَ، أَيَّام حَيَاته، مِمَّن اكْتسب المَال الجم، وتمتع من النِّسَاء بِمَا لم يتأت فِي قطره لأمثاله من الْفُقَهَاء. وَهُوَ من أَصْحَابنَا القدماء، الَّذين ورثنا ودهم، وشكرنا عَهدهم رَحمَه الله وَغفر لَهُ وأرضاه! وَمن شعره فِي المجبنات، وَهُوَ النمط البديع: ومصفرة الْخَدين مطوية الحشا ... على الْجُبْن والمصفر يُؤذن بالخوف لَهَا بهجة كَالشَّمْسِ عِنْد طُلُوعهَا ... ولاكنها فِي الْحِين تغرب فِي الْجوف وَقَوله: إِذا مَا كتمت السِّرّ عَمَّن أوده ... توهم أَن الود غير حقيق وَلم أخف عَنهُ السِّرّ من ضنة بِهِ ... ولاكنني أخْشَى صديق صديقِ وَقَوله: قَالُوا: تغربت عَن أهل وَعَن وَطن ... فَقلت: لم يبْق لي أهل وَلَا وَطن مضى الْأَحِبَّة والأهلون كلهم ... وَلَيْسَ لي بعدهمْ سُكْنى وَلَا سكن أفرغت دمعي وحزني بعدهمْ فَأَنا ... من بعد ذَلِك لَا دمع وَلَا حزن وَقَوله: رعى الله إخْوَان الْخِيَانَة إِنَّهُم ... كفونا مؤنات الْبَقَاء على الْعَهْد وَلَو قربوا كُنَّا أُسَارَى حُقُوقهم ... نراوح مَا بَين النَّسِيئَة والنقد وَقَوله يعْتَذر لبَعض الطّلبَة، وَقد استدبره لبَعض حلق الْعلم بسبتة: إِن كنت أبصرتك لَا أَبْصرت ... بصيرتي فِي الْحق برهانها لَا غرو إِنِّي لَا أشاهدكم ... فالعين لَا تبصر إنسانها

<<  <   >  >>